أثار قرار مصرف الاحتياطي الأسترالي بخفض سعر الفائدة للمرة الثالثة هذا العام، لتستقر عند 3.6%، ردود فعل واسعة في الأوساط الاقتصادية، في وقت يترقب فيه أصحاب القروض فواتير أقل، بينما يتساءل الخبراء إن كان القرار سيخفف الأعباء المعيشية أو يرفع أسعار المنازل أكثر في ظل نقص المعروض.
وقال الخبير العقاري والمالي يوسف مرتضى في حديث لـ "أس بي أس عربي " إن القرار جاء بعد أن أظهرت البيانات الاقتصادية تراجع التضخم إلى 2.1%، وهو مستوى قريب من الهدف الرسمي البالغ 2.5%، واستقرار معدل البطالة عند 4.3%، ما منح البنك مساحة لتخفيف السياسة النقدية.
يوسف مرتضى: خفض الفائدة إلى 3.6% رسالة إيجابية تعزز الاستثمار والنشاط العقاري
وأوضح أن هذه الخطوة "تبعث برسالة إيجابية للمستثمرين والمشترين على حد سواء" بأن التمويل أصبح أرخص وأكثر توافراً، ما قد يزيد النشاط في البيع والشراء.
وأشار مرتضى إلى أن التجارب التاريخية في أستراليا تظهر بوضوح أن خفض الفائدة يؤدي عادة إلى ارتفاع أسعار المنازل، لافتاً إلى أن التخفيضات في 2019 و2020 أعقبتها زيادات سريعة في الأسعار.
وبيّن أن النقص الحاد في المعروض حالياً، مع استمرار مشكلات البناء وارتفاع تكاليفه، قد يدفع الأسعار للصعود بوتيرة أسرع من المرات السابقة، وهذا هو "السيناريو المرجح" حسب تعبيره.
يوسف مرتضى: أصحاب القروض المتغيرة هم المستفيد الأكبر من قرار خفض أسعار الفائدة
وأوضح أن المستفيد الأكبر من قرار خفض الفائدة هم أصحاب القروض العقارية ذات الفائدة المتغيرة، موضحاً أن قرضاً بقيمة 500 ألف دولار قد يوفر لصاحبه ما بين 240 و250 دولاراً شهرياً، أي ما يصل إلى نحو ثلاثة آلاف دولار سنوياً، شرط أن تمرر البنوك الخفض بالكامل ودون تأخير. أما أصحاب القروض الثابتة فلن يشعروا بتأثير مباشر قبل انتهاء فترة التثبيت.
يوسف مرتضى: خفض الفائدة يرفع القدرة على الاقتراض لكنه قد يشعل سباق الأسعار
ولفت مرتضى إلى أن "خفض الفائدة يرفع القدرة على الاقتراض، وهو ما يشجع المستثمرين والمشترين لأول مرة على دخول السوق"، لكنه حذر من أن "زيادة الطلب في ظل العرض المحدود قد تحول الميزة التمويلية إلى سباق مع ارتفاع الأسعار، بدلاً من فرصة لتملك أسهل".
وبيّن أن سوق الإيجارات لن يشهد انخفاضاً ملحوظاً نتيجة القرار، لأن الأسعار في هذا القطاع تحكمها قلة الوحدات المعروضة، حتى وإن تحول بعض المستأجرين إلى الشراء، حسب تعبيره.
وفي ما يتعلق بإعادة التمويل، أوضح مرتضى أن "هذه الفترة تمثل فرصة مناسبة للمقترضين لإعادة التفاوض على قروضهم أو الانتقال إلى بنوك تقدم فوائد أقل"، مشيراً إلى أن "المنافسة بين البنوك ستزداد مع تقديم حوافز مثل إلغاء الرسوم أو منح مكافآت نقدية لجذب العملاء".
ونبّه إلى أن التضخم إذا واصل التراجع، فقد نشهد خفضاً إضافياً مطلع العام المقبل، لكن ذلك قد يرفع أسعار العقارات أكثر إذا لم يصاحبه تحسن في المعروض السكني.
ومضى مرتضى إلى القول إنه يتعين على أصحاب القروض "استغلال الخفض الحالي لتسريع سداد الديون أو إعادة التفاوض على شروط أفضل"، مشيرا الى "ضرورة مراجعة تكاليف إعادة التمويل للتأكد من أن الفائدة الصافية أكبر من أي رسوم أو مصاريف إضافية".
وفيما دعا الى التعامل مع الموقف بـ"ذكاء مالي" فأنه حث على التفكير جديا في فكّر جدياً في إعادة التمويل (Refinancing)، أي نقل القرض إلى بنك أو جهة تمويل أخرى تقدم سعر فائدة أقل أو شروطاً أفضل، موضحا أن "هذا قد يوفر مبلغاً كبيراً سنوياً إذا أحسن الاختيار".
وخلص إلى القول إن من يتحلى بالحذر ويستثمر في التوقيت المناسب سيجني ثمار القرار، بينما قد يجد المتسرعون أنفسهم أمام أسعار تتسابق صعوداً، في سوق لا يزال يعاني من نقص المعروض وطلب متزايد.
يمكنكم الاستماع للمقابلة في التدوين الصوتي أعلاه.